Elias Morcos Inistitution

لا حق ولا قانون مع الواحدية. اختلاف البشر وخلافهم ومصالحهم واتجاهاتهم وأحزابهم، هذا ما يحمل الكلي والقانون والحق ومفهوم الدولة.

لا حق ولا قانون مع الواحدية. اختلاف البشر وخلافهم ومصالحهم واتجاهاتهم وأحزابهم، هذا ما يحمل الكلي والقانون والحق ومفهوم الدولة.​

الإيمان والإيمان الديني، أو الإيمان الحسي والإيمان العقلي

,

هذا الحوار المنشور على حلقات هو حوار أجراه جاد الكريم الجباعي مع إلياس مرقص، ونشره في كتاب (حوار العمر) الصادر عن دار حوران. وهنا الأقسام من الخامس إلى الثامن من الفصل الأول (نقد الكلمات وتحرير المفاهيم والمقولات). لقراءة الحلقات بالترتيب انظر أسفل النص.

سألتني سيدة مسنة مرة، ما رأيك بالإيمان؟ فسألتها هل تقصدين الإيمان الديني؟ سألتها ذلك لأنني أستعمل كلمة الإيمان بمعنى الإيمان الديني وغير الديني. ولا يستطيع أحد أن يمنعني من استعمالها. فكل بني آدم استعملوها وهي كلمة كبيرة، أنا مثلاً أؤمن بمستقبل للبشرية، وبمستقبل لأبنائي، أؤمن بالمستقبل بوجه عام، بشيء غير موجود الآن، لكنني بإيماني هذا أعلن عن وجوده، عن احتمال وجوده في المستقبل.

الإيمان عند جميع الناس نوعان مختلفان، متضادان أو متعاكسان، ويمكن أن يتداخلا، لكنهما مختلفان. هناك الإيمان الديني الذي نموذجه الأصلي والأعلى هو الإيمان بوجود الطاولة والكرسي والجبل والشمس والله. الجبل موجود والشمس موجودة والله موجود، نموذجه الأعلى هو اليقين المادي الحسي (إيمان يقيني) دوغمائية اليقين المادي الحسي. الكرسي موجود ولكنه عرضة للتلف وقد يغدو طعاماً للنار. والجبل موجود لكن قنبلة ذرية قد تزيله، والشمس موجودة لكننا بتنا نعلم، بفضل تقدم العلوم، أنها تحول متبادل ودائم بين الهيدروجين والهيليوم، بين الهيدروجين ونظائر الهيدروجين، إنها قنبلة هيدروجينية ضخمة (انشطار نووي لا يساوي اندماج نووي). الفصل الأخير من ديانة مصر القديمة أو إصلاح أخناتون العظيم قد كتب: من غير الممكن لإنسان عاقل يريد أن يتكلم عن الله أن يربطه بالشمس، ولو رمزياً، يجب أن يعلن أن الله فوق الشمس، وراء الشمس، أعلى من الشمس وأقدم من الشمس. علم الفلك أو الفيزياء الفلكية آستر فيزياء تقول لنا اليوم إن شمسنا هذه لها بداية وسوف يكون لها نهاية[1](17) .

النوع الثاني من الإيمان (وهو أقرب إلى الإيمان الديني الصحيح الذي اضطرت جميع المؤسسات الدينية أن تعترف به) عكس الأول، هو الاعتراض على اليقين الحسي من البداية، خرق لليقين المادي، إعلان وجود شيء آخر غير الوجود المادي (الحسي)[2](18) .

إذا قسمنا الظاهرات إلى مادية وفكرية، إلى مادة وفكر، بعد أن قلنا أن الله ليس جبلاً أو شمساً وبعد أن اخترنا الله مع الضمير.. إذا عدنا إلى مقولة المادة ومقولة الفكر وتساءلنا أين يأتي الله في تاريخ الفكر، في هذا الطرف أم في ذاك؟ جوابي أن الله يأتي في جهة الفكر، فهو ليس شقيق المادة، هذا الله الروح، الذي نقول عنه الروح هو مع الروح ومع الفكر ومع الوجدان ومع الوعي ومع الضمير، وليس مع الجبل والكرسي والطاولة. قد يعترض أزهري أو إسلامي “ثوري” على وضع الله في جهة الفكر وفي تاريخ الفكر وتاريخ الفلسفة والفلاسفة، فأقول إذا كان هذا الأخ المعترض لا يعرف تاريخ الفكر وتاريخ الفلسفة والفلاسفة فهو جاهل، وإذا كان يرفضه فهو أحمق، الذي يرفض شيئاً لا يعرفه هو أحمق.

6 ـ فكرة الله تؤسس سمو القانون

حين نراجع تاريخ الفلسفة والفلاسفة من أفلاطون وأرسطو إلى كانط وهيغل مروراً بالقديس أوغسطين وتوما الإكويني والفلسفة العربية الإسلامية وديكارت وباسكال وسبينوزا.. نجد أن الله هو الموضوع المركزي عند الجميع والنقاش حوله دائم. وعندما أقول إن الله مع الفكر أي إلى جانب الفكر معنى ذلك أن الله عند جميع البشر حافز فكري عظيم. الله مبدأ، وهذا المبدأ محرك للكشف والإبداع عند الإنسان. في الوقت الراهن وفي فكرنا الحالي وأيديولوجيتنا جُعل الله خاتمة لكلِّ شيء وليس مبدءاً وحافزاً ومحركاً. ماذا أعطى ذلك؟ لا شيء. وكما قلت في مقالي: “أطروحات من أجل إصلاح الفلسفة”، إذا كان هناك شعب من الشعوب يقول طوال الوقت الله الله الله من دون أن يكون الله في فكر هذا الشعب مؤسساً لسمو القانون، فإن هذه قضية كبيرة جداً. عند الأوروبي أسس مفهوم الله لسمو القانون، فمن الصعب أن تجد من يخالف أنظمة السير، ومن الأصعب أن يخالف رئيس جمهورية بنداً من الدستور، حتى مجلس النواب لا يستطيع أن يسن قانوناً يتعارض مع إحدى مواد الدستور. فالقانون محترم وله سمو، كل قانون بدءاً من الدستور وانتهاء بقانون السير في الشارع. القانون له حرمته وسموه. الله المتعالي ليس مجرداً ومتعالياً فحسب، بل له دور في تاريخ الإنسان بأن يوجٍد شيئاً فوق الوجود. هذه معركة مهمة جداً.[3](19)

إذا عدنا إلى المنطلق، أذكر بما قرأته ولفت نظري في كتاب كوفيلييه وهو من أشهر كتب الفلسفة في فرنسا، يقول في أحد هوامشه أن الفاتيكان الذي كان يرفض بجدية حرية الضمير ويلعن الملحد ويؤكد عصمة البابا وكان يرى أن الكنيسة مسؤولة عن الحقيقة وعن نجاة النفوس لم يكن يسمح بأن يقتل أحد بسبب معتقداته قبل أن تتاح له فرصة التوبة والتراجع عن “الباطل”. وأن محاكم التفتيش كانت تتيح للإنسان إمكانية التراجع عن رأيه وإمكانية الغفران. عند السوفييت وعند ستالين لا يوجد غفران، لا توجد توبة. الله فتح مجال التوبة وتراجع الإنسان عن الباطل. لا نقول عن الله إنه موجود. إن الله فوق الوجود. إنه مبدأ الوجود، مبدأ كل وجود.

وأتساءل ما السبب الذي جعل التقدميين والعلميين وما شابه، ولنقل ما الذي جعلنا جميعاً نقف منذ عشرين سنة ضد الدين، إن كان في فرنسا أو في إيران أو في سوريا، ما أسباب ذلك الموقف وما دوافعه؟ بالطبع لا أتحدث عن هذه المرحلة التي يسمونها مرحلة صعود المد الإسلامي، مع أنه من الضروري أن يفهم صعود الثورة الإسلامية التي تحمل، في رأيي، فاشية جديدة مرعبة، الثورة الإسلامية شيء غير معقول، ولكن نريد أن نتعامل معها بلا تساهل[4](20) بشرط أن تكون أسسنا سليمة. نحن، كما قلت في محاضرة أمام الشباب في بيروت لو أن الثورة الإسلامية انحسرت ولو تراجع الإخوان المسلمون ولو أن كل هذا الذي نراه ينحسر وينتهي فجأة بقدرة قادر، فإن ذلك لا يغير من موقفي، لأن مسألتي ليست الرد على هذا المد الديني، بل إيجاد حل، وطريق لحل مشكلات شعبي. ولو أن كل هذا لم يوجد سيبقى واجبي ومسألتي أنني أريد طريقاً لشعبي، إذا أردنا أن نقوم بنهضة كما فعل عبد الناصر، ولكي تنجح هذه المرة وأن نتقدم بصورة حاسمة فهناك مشكلة معقدة ومسألة مهمة عندنا وعند البشرية لا بد من حلها، لا يجوز أن يكون منطلقنا كيف نرد على هؤلاء أو أولئك، هؤلاء وأولئك جزء من الموضوع، منطلقنا يجب أن يكون نحن والحقيقة، أين الحقيقة، ما هو غلطنا، أين أخطأنا نظرياً. هذا كله في نظري جزء من الموضوع. ما سبب عداء الماركسي أو التقدمي أو الليبرالي عندنا أو عند غيرنا للدين؟ لنذكر الأسباب الإيجابية: إن الدين والأديان والكنائس والمؤسسات الدينية ارتكبت الكثير من الجرائم في التاريخ، تحالفت مع القوى الرجعية ضد التقدم وتحالفت مع الملوك ضد الليبرالية ومع البرجوازية ضد العمال ومع اليمين ضد اليسار..إلخ. أريد أن أدقق النظر، وإذا أعطيت مدة شهر سأقوم بعمل لائحة بهذه الجرائم.. الموضوع مفتوح وأستطيع أن أنقل كتاب الأب كونفار “الكنيسة الكاثوليكية وفرنسا المعاصرة” فقد حوى سجلاً بأخطاء الكنيسة الكاثوليكية وعيوبها وجرائمها وهو أب وليس يسارياً أو كذا، ولكنني أقول ليس خطأ الكنيسة الأكبر هو تأييدها للمحافظة، بل هو إنكارها حرية الضمير وحقوق الإنسان. إعلان جهة كهذه أنها مسؤولة عن خلاص النفوس هو من حقها، ولكن ليس بالعصا أو بالسكين أو بالتعذيب، هذا شيء بشع. أما كونها قوة محافظة فهذا أمر بديهي وجار في كل جماعة إنسانية وفي كل مجتمع متمدن، ثمة دائماً جماعة محافظة وأخرى تقدمية. وبديهي أن أي مؤسسة دينية يجب أن تكون محافظة بمعنى ما، لكن السؤال المحافظة على ماذا؟ منذ قليل تحدثنا عن ماريا (بطلة قصة “نقود لماريا” للكاتب السوفييتي راسبوتين) إذا كانت المحافظة على قيم صحيحة وجميلة فهذا ضروري. لا نريد أن نصور المحافظة على أنها شر وخطأ محض. منذ ثلاث سنوات قرأت موضوعاً لكاتب سوفييتي قال فيه: إن الكنيسة لم تكن مخطئة إزاء غاليليه؟ كانت مخطئة بإهانته وتعذيبه وسجنه فقط. الكنيسة لم تكن حمقاء وجاهلة، كانت تحذر من النهضة ومن الانطلاق الصناعي والعلمي وما سيقود إليه، وها نحن في أواخر القرن العشرين نحصد خراب البيئة. يجب ألا نتصورهم جهلة فهم رأوا أن كوبرنيكوس كان على حق وسكتوا عنه لأنه أهدى كتابه للبابا، وبعد موت كوبرنيكوس بسبعين عاماً جاء غاليليه إلى روما وفتح المعركة مع الكنيسة. نصحه رجال الكنيسة أن يبتعد ولكنه أبى وثبت على موقفه. ونحن اليوم نصفق له فقد أضحى رمزاً لحرية التفكير ودليلاً على حماقة أولئك. في صدد المقال السوفييتي الذي أشرت إليه يجب أن نتساءل رد الاعتبار لمن؟ ذكرت هذه القصة لأقول إن أموراً كهذه لها دوماً وجهان، نحن نرى خصمنا مخطئاً من دون أن نبحث عما هو صواب في رأيه وموقفه، لعل هناك صواباً فيجب علينا أن نفهمه، وإلا لن تتوافر قاعدة للحوار. يجب أن نتخلى عن عنجهيتنا بأننا قبضنا على ناصية الحقيقة. يا أخي، نحن على حق وليس على حق، نريد أن نتقدم، نريد أن نكسب الحقيقة وهي كما ذكرت هدف نسعى إليه. الحقيقة مبدأ ومسعى وهدف نمضي نحوه، هذا مبدأ مطلق.[5](21)

7 ـ مثلنة الإنسان

أعتقد أنه في الوسط التقدمي كله جرى تضخيم لأخطاء المؤسسات الدينية، وهو تضخيم ناجم عن مثلنة الإنسان وتجميله وعن مثلنة الشعب والجماهير. هناك من يعتقد بأن الإنسان كائن عظيم وملاك وجبار وفاتح ليس فيه أي شر. وهناك من يعتقد أن الشعب والجماهير الكادحة والطبقة العاملة كذلك، ولكن الأمر ليس كذلك لسوء الحظ. إن كون الإنسان عاملاً أو فلاحاً أو فقيراً أو مستغلاً لا يعني أبداً أنه خير وطاهر وملاك، لماذا نضخم حسنات الإنسان من دون أن نلتفت إلى ذلك المبدأ الديني القائل: إن النفس أمارة بالسوء؟! في الإسلام ثمة الجهاد الأكبر، جهاد الذات ضد الذات، الجماعة ضد نفسها، الجهاد ضمن الجماعة من دون وصاية فلان على فلان، النقد الذاتي أو نقد الذات، كلنا يجب أن نفعل ذلك. الأمة يجب أن تنقد نفسها، كفانا نقد فرنسا أو إنكلترا أو ألمانيا ونقد الإمبريالية لنلتفت إلى ذاتنا قليلاً، وننقد أنفسنا، لنبدأ بالنقد.

هل يصبح الخير ممثلاً في الكادحين والشر في غيرهم، هذا ليس صحيحاً، وأعداء الكادحين وأعداء الديمقراطية ليسوا البورجوازيين والرأسماليين والإمبرياليين فقط بل الأنانية ومحاولة الركب على ظهور الآخرين. يجب أن نعترف أن الجميع هم أبناء آدم فيهم الخير وفيهم الشر، لا يجوز تعظيم أحد فرداً كان أم حزباً أم طبقة أم شعباً فوق الحقيقة. ففي الوقت الذي نعظم فيه الإنسان فوق الحد لا نرى في الدين والأديان إلا الجانب السلبي، في حين إذا نظرنا إلى الإنسان نظرة متأنية وتاريخية سنجد أنه كان مفترساً، يقول باتاي: هناك شيئان رفعا الإنسان وانتشلاه من الحيوانية الدين مع المحرمات الدينية والشغل والكدح، هذان هما اللذان جعلا الإنسان إنساناً، جعلاه إنساناً للإنسان، ابن آدم، وهذه العملية لم تنته، صحيح إن الأوروبيين المتمدنين لا يأكلون لحوم البشر، لكن حربين عالميتين قتلتا عشرات الملايين من البشر، وفي الصعيد أو عندنا يقتلون المرأة إذا زنت، هم لا يأكلون لحمها، ولكنهم يقتلونها غسلاً للعار بحسب اعتقادهم.

نريد يا أخي أن ننظر إلى الأمور من عدة زوايا. إنني أعتقد أن الأديان يجب أن تقوم بدورها في الانتشال والسمو والارتفاع، دورها لم ينته قط ولن ينتهي.

8 ـ التكفير يهدم التفكير

ـ ما قولك إذن في موضوع سلمان رشدي وكتابه وموقف المؤسسة الدينية والمتدينين منه؟.

# أولاً لو أعطيتني كتاب سلمان رشدي مجاناً فليس عندي استعداد لقراءته، بعدما سمعت وقرأت عنه، لأن موضوعه زوجات الرسول والآيات الشيطانية. مسألة الآيات الشيطانية لطيفة، يمكن استثمارها جيداً في مصلحة الدين وليس ضد الدين، بعكس موضوع النساء. لكن الذي لفت نظري أن الذهن العربي العام والمؤسسات الدينية وكذلك الشعب العربي لم يميز، لم يفصل بين موضوع الكتاب وقضية القتل (الفتوى التي أصدرها الخميني بهدر دم سلمان رشدي والجائزة التي رصدت لقتله.ج) لم يميز الصواب من الخطأ في مضمون الكتاب وكذلك في موضوع الأمر بالقتل. هذان موضوعان: الكتاب ومضمونه والأمر بالقتل. لم ينتبهوا إلى أن ديناً ومؤسسة دينية طويلة عريضة تأمر بالقتل. أنا أفهم الأمور على خلاف هذا: لو أن كل البشرية وكل الدول والأحزاب تسوغ القتل وتؤيد مبدأ القتل، فإن مؤسسة واحدة يجب أن تكون ضد القتل هي المؤسسة الدينية. إذا لم يكن في الدنيا سوى مؤسسة واحدة ضد القتل فمن المفروض أن تكون هذه الؤسسة هي المؤسسة الدينية، وإلا فأين الوعي العربي والوعي الإسلامي؟ مزايدات من السعودية إلى إيران إلى بروكسل إلى لندن، ما هذا؟! افصلوا وميزوا وفرقوا بين الأمرين. من يريد أن يقرأ سلمان رشدي فليقرأه، ولن يكون كتاب سلمان رشدي آخر كتاب يظهر ضد الإسلام أو ضد محمد، ظهرت كتب كثيرة، مئات الكتب ضد المسيحية، منذ 500 سنة إلى اليوم تظهر كتب ضد المسيحية. لا يجوز أن يسوغ الدين القتل، وإلا فما هي وظيفة الدين؟ أليس الدين هو الذي انتشل الإنسان منذ عشرة آلاف سنة قبل اليهودية والمسيحية والإسلام عن طريق المحرمات؟ ممنوع أن تأتي زوجتك كيفما كان، ممنوع أن تنقاد لغريزتك، ممنوع أن تقتل..إلخ. هذا هو الدور التهذيبي للدين، أما أن نرجع الإنسان إلى الحيوانية (إلى شريعة القتل.ج) فهذا ما أسميه جريمة هؤلاء، وجريمة كل من يتساهل مع هذا الاتجاه. الله لا يحتاج إلى كل هذه الأديان فهي لا تزيده شيئاً ولا تنقصه شيئاً (الإنسان هو المحتاج إلى الدين.ج). يتصور بعضهم أن الإسلام سينهار بسبب سلمان رشدي. الإسلام لا يهزه سلمان رشدي ولا 500 سلمان رشدي. المسألة باعتقادي مسألة من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. لا يستطيع أحد أن يفرض على الناس شيئاً من قبيل الإيمان. لا إيمان بالإكراه و”لا إكراه في الدين”. إذا كان الإيمان واجباً فإنه بالإكراه يكف عن كونه واجباً. لنعمم مقولة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. الواجب فكرة أخلاقية ومعنوية، وأنا أقوم بواجبي عندما أفعل ما أعتقده صحيحاً وليس عندما أفعل ما تفرضه أنت أو غيرك علي مما تفترضونه صحيحاً.

إن كان هناك مستقبل لنا وللبشرية فلسوف ينشأ عندنا فكر إسلامي. الآن لا يوجد فكر إسلامي، هناك بذور متفرقة، يوجد أو موجود يعني، بلغة علماء الرياضيات، قابل للبناء عليه. الوجود هو قابلية البناء، الذي لا يبنى عليه شيء فإنه لا شيء. يجب أن يكون لدينا فكر إسلامي. إذا عدت إلى الماضي، وأريد أن أكون صريحاً، وأتساءل هل المسيحية كانت أكثر فاعلية في أوروبا أم الإسلام عند العرب؟ فإنني أجيب إن المسيحية كانت أكثر فاعلية. هذا موضوع طويل ولكني أختصره بعدة نقاط: أولاً الشروط التاريخية والجغرافية في أوروبا مختلفة عنها في العراق ومصر سوريا والسودان.. ثانياً الكنيسة والرهبنات والخوارنة كانوا طليعة بناء الأمم الأوروبية، أعتقد أن الرهبنات، في القرون الوسطى بنت 20% من القرى في فرنسا، وفي ألمانيا أكثر من ذلك. في حين دخل الإسلام إلى العراق وسوريا ومصر وكانت موجودة (معمورة وآهلة ومتحضرة.ج) وقديمة جداً وفيها حضارة وزراعة ومدن، أوروبا ليست كذلك، فألمانيا والسويد وبولونيا وهولندا وسكوتلندا تستطيع أن تقول إنها لم تكن موجودة قبل 1200 سنة، ثالثاً لننظر إلى تاريخ الفلسفة، نستطيع أن نستعرض، بنداً بنداً، أوغسطين قديس ولاهوتي وفيلسوف، وكثير من الناس منهم ماركسيون يقولون إن أوغسطين هو بداية الفلسفة الغربية. صحيح كان هناك قبله أفلاطون وهيرقليط وأرسطو.. لكن بعد ذلك لا شيء. ثم أتى أوغسطين وكان مبدؤه: إذا كنت خاطئاً فأنا موجود.. (هذا أصل مبدأ ديكارت. وكما يقولون إن أوغسطين أعطاه صيغة روحية أوسع: لئن كنت مخطئاً (أو خاطئاً.ج) فأنا موجود. وقوله: أؤمن لكي أفهم، الإيمان مبدأ يوجب علي أن أحاول أن أفهم، أن أسعى إلى الفهم. الإيمان ليس خاتمة، إنه مبدأ و(بداية) من أجل المتابعة[6](22). أنتقل من أوغسطين إلى توما الإكويني وخصومه من هنا وهناك من فلاسفة ومسيحيين غربيين، ثم إلى ديكارت والمقولتين: المادة والروح، وفكرة النفس الفانية، الله والنفس الخالدة أنا أفكر إذاً أنا موجود: أنا موجود بصفتي نفساً مفكرة، كائناً مفكراً، كائناً صفته التفكير. من الدين خرج الفكر. تفكير سبينوزا مثلاً، ما أثر الله واليهودية والمسيحية والإسلام في تفكير سبينوزا؟ إنه كبير. الرجل (سبينوزا) يقول لك: النفي (كل تعيين هو نفي.ج) ويحترم اليهودي والمسيحي والمسلم. ثم يأتي هيغل فيقول إن سبينوزا أنقص شيئاً، عنده التوكيد والنفي، نريد نفي النفي، نريد الروح القدس، انتهت المسيحية. كانط، هيغل، بيركلي.. ألوان مختلفة واتجاهات متضاربة كلها تستطيع أن تسميها ضمن الفلسفة المسيحية. هنا قد تقول لي: والفلسفة العربية الإسلامية. أقول لك: والله لا أراها إسلامية. ليس لها ارتباط حميم بالمسائل العقيدية والدينية الإسلامية. وأقول كان هناك بداية كيلا نظلم الفلسفة العربية الإسلامية لكن تاريخها ينتهي في القرن الثالث عشر، كلها صبت في أوروبا، ابن رشد وابن سينا وغيرهما ولو أن ابن رشد هو الذي أمسك بالفكر أكثر من سواه. وإذا نظرنا إلى الأدب فيمكنك أن تقرأ أدباً مسيحياً مسيحياً في القرن العشرين في فرنسا وفي روسيا وفي إنكلترا تقرأ مثلاً غراهام غرين. وكذلك الفن، الرسم ليس فقط الرسم البلجيكي والألماني والإيطالي في عصر النهضة نصف موضوعاته مسيحية، بل الرسم الروسي، ريبين وخلفاؤه الذين كان الروس يحدثوننا عنهم وينسون صفتهم المسيحية، أولئك الروس الواقعيون المناضلون أو الواقعيون الاجتماعيون منذ 1860 حتى 1910، ناضلوا ضد الاستبداد وضد المشيخة والخوارنة وضد كل العفن في روسيا. لم يقل لنا الرفاق السوفييت أن هؤلاء مسيحيون رسموا الموضوعات المسيحية، الصلب والعذاب والعذراء. أول مرة عرفت هذا الموضوع في صيف عام 1984 في باريس في معرض للفنون التشكيلية السوفييتية، إذ اشتريت ألبوم صور فيه مقالات لسوفييت رسميين وكذلك لفرنسيين. وقرأت هذه المعلومة في مقال فرنسي أن ريبين وخلفاءه تناولوا موضوعات مسيحية كالإيطاليين قبلهم بثلاثمئة سنة. لكن الروس بالطبع أعطوا هذه الموضوعات نفساً جديداً فالمنفيون إلى سيبيريا في عهد القيصر باتوا كالمسيح المصلوب. وإذا انتقلنا إلى الموسيقى، فمن لا يعرف أن كل هذه الموسيقى الكلاسيكية لها أصول في الغناء الكاثوليكي الغربي؟ لكن عندنا أين الإسلام ما علاقة ما كتب في الخمريات بالإسلام وبآلاف القصائد التي كتبت من الأندلس إلى إيران، مروراً بمصر وسوريا والعراق. إن أحسن شيء عندنا، في هذا الميدان، هو التصوف. ويتساءل المرء لماذا نال التصوف هذه الحظوة في الأزهر. هذه هي المصيبة. في تاريخ الغرب إثنان من أكبر المتصوفة الغربيين هما: ساجو ديلاكروا، يوحنا الصليبـي الإسباني مصلح رهبنة الكرمل، وتيريز دي فيلال الكبرى، وهما ممن أصلحوا اللغة الإسبانية ورهبنة الكرمل. وهما قديسان في الكنيسة ومتصوفان. الراهبة التي تتحدث عن الله والمسيح بلغة العشق والوجد، بلغة حسية جداً، بلا حرج منحتها الكنيسة لقب قديسة. هذا غير قليل.

ـ عندنا شككوا بإيمان المعري وصحة معتقده، رماه بعضهم بالكفر. وكذلك فعلوا بابن رشد ولا يزالون. نحن نكفر كل من لا يوافقنا الرأي ولا يشاطرنا العقيدة. وما أسهل التكفير. متى سنكتب تاريخينا معترفين بأن لنا تاريخاً داخلياً قوامه التعارض والصراع وأن الأمة ستصارع بعضها بعضاً في المستقبل ولكن بغير سكاكين. وأن الأطراف المتصارعة كلها من الأمة؟ لم لا، لم لا نقوم بالتمييز؟ قد أكون أنا ضد جميع مضامين السهروردي القتيل أو الشهيد ولكنني لا أقبل بأن يقتل ولا بأن يحاكم. لذلك لا أقبل من الجابري أو غير الجابري شيئاً عندما يحدثنا عن السهروردي قبل أن يعلن إدانة قتله. بداية ندين قتله، نقول لا يجوز أن يقتل ولا أن يحقق معه، وإذا كان صلاح الدين أو الدولة أو الأزهر يعتبرونه زنديقاً ويقولون إنه زنديق وظيفته كذا، وهذا حقه. إن أصاب أو أخطأ هذا الأزهر فلا نقبل منه القتل. فليرد الاعتبار دينياً ورسمياً للسهروردي وللحلاج وغيرهما فقد آن الأوان لفتح الأضابير كلها، تلك الأضابير التاريخية ويرد الاعتبار للجميع. إلى متى سنبقى نقول هذه الطائفة زنديقة وتلك الطائفة مارقة؟ ماذا سيبقى لنا بعد ذلك؟ لن يبقى شيء، إننا مخطئون، إنهم مخطئون، الأزهريون مخطئون بهذا التكفير. لم تتوافر الشجاعة في تاريخنا كله (للاعتراف بهذا الغلط) ونفتقر لمؤسسة دينية كيانية مستقلة كبيرة وعالية، ولذلك قلَّ أن نجد في تاريخنا فقيهاً يقف في وجه سلطان مستبد. كم واحداً من الخلفاء مات حتف أنفه؟ كثيراً ما أفكر إذا كان لقب خليفة رسول الله ليس له أي حرمة وأي قدسية، وأنه إذا لم يعجب فئة من الفئات أو بضعة أشخاص فيقتلونه ويأتي من يفتي لهم بذلك ويسوغه شرعاً، إذا كان الخلفاء الذين قتلوا ليس لهم مكانة معنوية ودينية ودنيوية فما هي مكانتنا أنا وأنت؟.

# إن فكرة الخلافة كلها ضمن دين الدولة، وتقوم بدور إيحابي في البداية، إنها توحد وتنظم، ثم تنقلب إلى وهم (تنقلب إلى ملك.ج) كم من القرون كانت مليئة بالوهم؟! إذا لم يكن الدين وازعاً روحياً عن القتل فهذا انتكاس إلى ما قبل عهد ابراهيم الخليل وعبادة الإله الواحد.

  1. (17) أعلن أخناتون في السنة السادسة من حكمه 1374 ق.م مبادئ ديانة جديدة تدعو إلى عبادة إله واحد هو “آمون” (= القوة الخفية) وقد مثله بقرص الشمس المجنح. وهو إله أكثر قرباً من الناس جميعاً. وعالمي في الوقت نفسه وموجود في كل مكان. وأوصى أخناتون أن يضحى بكل شيء من أجل الحقيقة التي هي مصدر التوازن والعدالة والحياة. وهي عناصر صورة القداسة كما تعكسها مرآة الإيمان.
  2. (18) بهذا الفهم للإيمان يكشف الياس مرقص عن تجليات أو ظاهرات وثنية في الإيمان الديني ولا سيما في الأيديولوجيات الدينية الحصرية. ويمكن طبعاً الكشف عن مثل هذه التجليات في⇐ ⇐ الشعائر أو الطقوس الدينية المتوارثة كابراً عن كابر. وهذا يدعونا إلى أن نضع الدين في الدنيا أولاً وفي التاريخ تاريخ البشر ثانياً. الإيمان الديني المرادف لليقين الحسي يسم مراحل التراجع والانحدار في التاريخ في حين يسم الإيمان العقلي مراحل النهوض والتقدم. اليقين الحسي لا يقبل الشك. الإيمان العقلي، الفكري الروحي مشفوع بالشك. والشك هنا غير الكفر والشرك. الشك هو إعمال الفكر وبسط سلطان العقل على جميع ميادين النشاط البشري ونشدان الحقيقة والسعي من أجل الوصول إليها. الإيمان العقلي هو الذي يرد قضية الدين إلى أصلها أو إلى اساسها بصفتها قضية روحية إنسانية متعلقة بضمير الفرد الاجتماعي، ومتعلقة بالضمير الاجتماعي فما الذي يمكن أن يكونه الدين إن لم يكن وازعاً أخلاقياً نابعاً من الوجدان والضمير، تلكم هي دعوة الدين بصفته أحد عوامل تأنسن الكائن البشري. ويمكن القول هنا إن ماديانية الياس مرقص أكثر روحانية من دينية الجماعات الدينية المتطرفة الثورية الارتداديةكما وصفها. والنزعة الحلولية تندرج أيضاً في الإيمان الحسي المادي.
  3. (19) الله وحده هو المقدس لأنه الكلي، الكامل، المطلق، اللامتناهي، واللامحدود. وكل ما هو جزئي وناقص ونسبي ومتناه ومحدود هو غير مقدس. إن عمومية القانون بصفته المجردة هي مناط سموه. الكلي أو المطلق هو المبدأ المؤسس. القانون مبدأ مؤسس بوصفه تعبيراً عن الكلية الاجتماعية ثم عن الكلية الإنسانية على صعيد مفـهوم القانون الـدولي. المدونة القانـونية في هذه الـدولة أو تلـك هي تعيين للقانون العام، وهو تعيين لا ينجز دفعة واحدة بل ينشأ ويبنى متدرجاً وما ينفع الناس من القوانين الوضعية يمكث في الأرض وتدمجه مختلف الشعوب في مدوناتها القانونية ويأخذ به المجتهدون والقضاة والمحامون أي رجال القانون. يجب تمييز فكرة القانون بصفته العامة المجردة، أي بصفته تعبيراً عما هو مشترك بين الأفراد والجماعات والفئات الاجتماعية والأحزاب السياسية، من المدونة القانونية القابلة للنقض والتعديل والتطوير مثلما الله مبدأ كل وجود كذلك فإن القانون هو مبدأ كل نظام حقوقي وكل مدونة قانونية.
  4. (20) عدم التساهل هنا، هو عدم تساهل على صعيد الفكر والسياسة والأخلاق فحسب. أي أن يتوفر العلمانيون ولا سيما الماركسيين منهم، على ضـرب من حـزم منــهجي ووضـوح في الرؤيـة. والحزم المنهجي لا ينفي ضرورة المرونة السياسية، انطلاقاً من الحق المتساوي للجميع في التعبير عن وجهات نظرهم. في حين يؤكد كما سبقت الإشارة أن الإيمان المادي ـ الحسي ـ الدوغمائي يولد العنف، وتفنيده لهذا النوع من الإيمان ومعارضته بالإيمان الفكري، الروحي، هو في الوقت ذاته تفنيد للعنف يذهب إلى الكشف عن جذوره في وعي البشر ومعتقداتهم، وفي الأوضاع الاجتماعية الاقتصادية والسياسية الموسومة بالاستغلال والقهر وعدم المساواة.
  5. (21) يبدو هنا أن السعي إلى الحقيقة قائم على حيثيتين: أولاهما حرية الفكر، من دون أي قيد. والثانية هي الحوار والتناصت والتثاقف. وكلاهما حرية الفكر والحوار المنفتح والمفتوح وغير المقيد بأي قيد أيديولوجي أو اجتماعي أو سياسي يولدان الفكر النقدي الذي قوامه الاعتراف بما في رأي الآخر من صواب أولاً والاعتراف بإمكانية خطأ الذات ثانياً.
  6. (22) ليست هذه المسألة أوروبية، بل بالأحرى إنسانية وتاريخية. الإيمان مبدأ وبداية. والله مبدأ وبداية، عندما يكون الإيمان نهاية يعني أنه إغلاق على المعرفة ونفي إمكانية التقدم والتحسن. الله هو مبدأ كل وجود وبداية كل وجود. لأن ثمة في كل حين وجوداً جديداً. ليس الله وجوداً وليس موجوداً، بل مبدأ الوجود، مبدأ كل موجود. هكذا تنفتح إمكانات معرفة مؤسسة على الوجدان، معرفة روحية أو روحانية تنشد الخير والحق والجمال وتدمج الأخلاق في العمل والإنتاج. منذ عرف الإنسان الله صار له تاريخ هو في المحصلة تاريخ تقدمه وتحسنه. الدين⇐ ⇐ انتشل الإنسان من الوحشية والحيوانية، ووضع أسس التعامل في الاجتماع البشري. كان الإيمان وينبغي أن يظل بداية مفتوحة على اللانهاية لأن الأزلي أساس العابر والمتغير والكائن والصائر. الله هو الأزلي المؤسس لكل حادث ولكل عابر. هذا الأساس هو نفسه أساس سمو الحياة وارتقاء الأنواع وسمو الإنسان خاصة.عند اسبينوزا الله هو الجوهر، وللجوهر بعدان: بعد في الامتداد وبعد في الفكر. والامتداد امتداد في الزمان والمكان معاً، والكلمة العربية هنا في غاية الدقة: المدى هو الزمان والمكان بلا تفرقة وإذا شئت فهو الزمكان. فالله هو مبدأ العالم ومبدأ معرفته. في العالم وفي المعرفة على السواء كل تعيين هو نفي. وإذا كان التعيين غير ممكن إلا في المكان والزمان فإن النفي هو وظيفة الفكر.عندنا غالباً ما يختم المرء حياته بالإيمان، حتى لو “جاءه” الإيمان في عز الشباب فيختم على عقله وقلبه ويعلن ذلك على الملأ بالحج إذا كان موسراً وبالعزوف عن الدنيا إذا كان معسراً، وتغدو لديه معارف السلف وحدها هي المعارف وعلوم الأولين وحدها هي العلوم. وتراه يختلس متع الحياة اختلاساً مشفوعاً بشعور عميق بالاثم والذنب. هذا النوع من الإيمان الحسي هو بالأحرى تقليص وتخفيض، تقليص لمساحة الحياة وآفاق المعرفة وتخفيض للإنسان. ونقض لمبدأ الاستخلاف، استخلاف الإنسان في الأرض.أن يكون الله مبدأ وبداية يعني أن يكون الروح والضمير والوجدان مبدأ. هكذا يتأسس العمل ولا سيما في جانبه الاجتماعي السياسي على الأخلاق، وتتأسس الثقافة على استقلال الوجدان وجهاد المعرفة وحرية الضمير.

ترتيب مواد كتاب (حوار العمر)

  1. مقدمة كتاب حوار العمر

  2. الثنائيات الفلسفية

  3. المادية والفلسفة المادية

  4. مفهوم الشكل ومبدأ التشكل، الروح من المفهوم الشعبي إلى المفهوم الفلسفي

  5. الإيمان والإيمان الديني، أو الإيمان الحسي والإيمان العقلي

  6. المطلق الأخلاقي أساس كل مطلق

  7. المادية والمثالية

  8. الاستلاب والاغتراب

  9. الانحطاط. النهضة. عبد الناصر والناصرية

  10. الحرية هي وعي الضرورة والاختيار

  11. قاموس دلالي – تاريخي

  12. سمو الدولة

مشاركة:

Facebook
Twitter
Pinterest
LinkedIn
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Authors

احصل على آخر التحديثات

تابع رسائلنا الاسبوعية

مقالات ذات صلة