Elias Morcos Inistitution

لا حق ولا قانون مع الواحدية. اختلاف البشر وخلافهم ومصالحهم واتجاهاتهم وأحزابهم، هذا ما يحمل الكلي والقانون والحق ومفهوم الدولة.

لا حق ولا قانون مع الواحدية. اختلاف البشر وخلافهم ومصالحهم واتجاهاتهم وأحزابهم، هذا ما يحمل الكلي والقانون والحق ومفهوم الدولة.​

مسألة استرجاع التاريخ

التاريخ دراما ومأساة، وتقدم كبير جداً. وهذا التاريخ – التقدم مليء بالركود والدوران العقيم وبالانتكاس والتقهقر. الكون البشري كونية مكانية متنوعة، متخالفة، وزمانية. توجد حالات وتوجد مراحل توجد حالات أو كونات مكانية – زمانية.

العرب الذين نتكلم عنهم كأصحاب فتوحات وحضارة وريادة ليسوا عرب اليوم. وليسوا عرب القرون ١٤ – ١٩ . ثمة كثير من التجاوز حين نتكلم عنهم بلغة «نحن». نحن لم نفتح بلداناً، لم ننشر حرية ومساواة، لم نكسر سداً، لم ننجب الفراهيدي والخوارزمي وجهم بن صفوان والمعتزلة والمعري والإدريسي وابن رشد وابن حزم وابن النفيس.. ولا الغزالي أو ابن سينا. ولا أعتقد أنهم فيما لو بعثوا أحياء كانوا سيفهموننا أو سيرضون عن دفاعنا عنهم. الأرجح أنهم كانوا سيقولون لنا: يوجد تاريخ بعدنا، يوجد جديد حقيقي، توجد شعوب وحضارات «بعد» العرب، غير العرب. أنهوا ثالوث الوثنية والمثنوية والحلولية، فهو قاتلكم. لقد وصلت البشرية إلى أكبر مفترق في تاريخها الطويل. أنتم منها وهي منكم. يوجد عالم، ليس فقط نوع بيولوجي أنتروبولوجي واحد، بل يوجد عالم أكثر فأكثر. أنتم منه، هو منكم. اجعلوا الإنسان حاكماً على كل أمة، اجعلوا التاريخ حاكماً على التواريخ. ثمة تقدم بعد أمة العرب. لماذا أنتم تخلفتم بينما تقدم غيركم؟ واجهوا الموقف الآن. مع العالم بتناقضاته…

والحال، أستطيع أن أذكر أمثلة عن أشخاص يشتكون من التأخر والتخلف، ومع ذلك فإن فكرهم النظري الناظر في حضارتنا، في واقعنا وواقع الغير، فكرنا وثقافتنا وفكر وثقافة الآخرين، قائم تماماً بدون مقولة التأخر والتخلف والنهضة والنمو. عندهم: فكرنا جيد، ثقافتنا جيدة، كل الأمور الصحيحة والهامة موجودة عند الغزالي وابن سينا أو ابن رشد والخوارزمي وفقه الدين وفقه اللغة! ومع ذلك نحن متخلفون. العالم متآمر علينا، والعالم ينكر فضلنا. ونحن في تمنين. وهؤلاء المتكلمون العرب الحاليون يُطلون من علي على العرب وعلى أوروبا. إنهم يكلموننا بغزارة عن أوربيين وعن عرب. كنت أعتقد أنهم يعرفون أبطالهم العرب ويجهلون أبطالهم الأوربيين. والآن، أنا أعتقد أنهم على أي حال وبصرف النظر عن التفاصيل يجهلون الأوروبي ويجهلون العربي.. ليس عندهم تصوّر للتاريخ، وليس عندهم تصور للفكر. أقصد: تصوّر معقول، مقبول. مع أنهم بوجه عام فلاسفة، ليس عندهم فلسفة. عندهم في أحسن حال نتف صحيحة أو شبه صحيحة من الفلسفة.

 

  • مصدر المادة: كتاب نقد العقلانية العربية، ص15

مشاركة:

Facebook
X
LinkedIn
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Author

احصل على آخر التحديثات

تابع رسائلنا الاسبوعية