Elias Morcos Inistitution

لا حق ولا قانون مع الواحدية. اختلاف البشر وخلافهم ومصالحهم واتجاهاتهم وأحزابهم، هذا ما يحمل الكلي والقانون والحق ومفهوم الدولة.

لا حق ولا قانون مع الواحدية. اختلاف البشر وخلافهم ومصالحهم واتجاهاتهم وأحزابهم، هذا ما يحمل الكلي والقانون والحق ومفهوم الدولة.​

مسألة نقد التقدم

النفي حامل التاريخية. التاريخية تاريخية تقدم وارتقاء. ثمة تكوُّن، ثمة تشكُّل. الكائن له تكون. والإنسان مركز التقدم وحامله. لا معنى لإدانة مقولة «الكون والفساد» لصالح فكرة التقدم والتطور، بدون فكرة التكون أو التشكل، وبدون فكرة الإنسان، امتيازه، قابليته للتحسن، كماله الآتي دوماً، أي عدم كماله، نزوعه، اضطراره للشغل وإنتاج وجوده. حرية الإنسان مكتوبة في عبوديته. العبودية شرط التاريخ، الحرية غايته.

إن فكرة «التاريخ الطبيعي» وعلم التاريخ الطبيعي (كنط وأصل المنظومة الشمسية، لايل والجيولوجيا مع فكرة التدرج وتراكم التغيرات الصغيرة، داروين وأصل الأنواع)، أمر واجب يجب أن يأخذ مكانه الحقيقي في التعليم. بدون ذلك، تتكون ملايين العقول المقسومة بين المادة والأشياء مع الثبات وفكرة تقدم ثائرة وخيالية وأدبية وشعرية، أو لنقل بين المادة والإرادة، ضد الكون والعقل والعمل الحقيقي. العمل ينحط إلى ملاعبة للمادة، للكتل، لـ «الجماهير».

إزاء العالم أو الواقع، ثمة رفض وثمة قبول وثمة نفي إيجابي. ثلاثة مواقف، وليس موقفان كلاهما باطل: رفض، قبول.

روسو و ماركس، توماس مور ولينين، آدم سميث وريكاردو، هيغل وكنط، الجميع متفقون على نقد التقدم، أي على تأييد التقدم ونقده وكشفه. جميعهم يعرفون ما التقدم. أو جميعهم ساهموا في بناء الفكرة…

التقدم نمو الإنتاجية، نمو الإنتاج، نمو الوجود البشري، نمو تعداد شعب العالم. يوجد ارتقاء للبشرية، خلقى أيضاً. البشرية انتقلت من الافتراس إلى العبودية، والتاريخ بعد ذلك هو تاريخ العبودية الارتقائي: عبودية رق، عبودية أرض وأمير (قنانة وأقطاع)، عبودية أجيرة (الشغل المأجور). المطلوب، الممكن والواجب، الانتقال إلى مجتمع الشركاء، لا التقهقر إلى مادون الشغل المأجور، أو إلى مادون الشغل عموماً.

نمو الإنتاجية هو أيضاً نمو التدميرية، قدرة الإنسان على تدمير نفسه والنوع. هذا جديد جداً، رغم وجود عناصر من قبل، معاصرة وحديثة وقديمة… ليس من «جديد مطلق». لكن الجديد جديد. الحالة الآن غير ما كانت قبل نصف قرن.

التسلح النووي، الأسلحة الكيميائية، تدهور البيئة الحية، التصحّر والتصلّع والتملّح، تقلص مخزون مياه الشرب النظيفة، اختفاء ملايين الأنواع الحية، الإرهاب بأشكاله، مسيرة نفاد ثروات باطن الأرض، الضجة، المخدرات، مرض الإيدز وخطر نشوب أمراض جديدة فيروسية، جنون البحث العلمي غير المسيطر عليه إنسانياً، الهوة الاقتصادية والمعاشية بين الشمال والجنوب، بطء نمو مجتمع الدول (… منظمة الأمم المتحدة)، الحروب «المحلية» في ثلاث قارات، تلوث البحر المتوسط الخ مسائل عالمية وعربية قومية.. من غير المعقول أن نتجاهلها.

 

  • مصدر المادة: كتاب نقد العقلانية العربية، ص123 – 125

مشاركة:

Facebook
X
LinkedIn
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Author

احصل على آخر التحديثات

تابع رسائلنا الاسبوعية